في عام 1967 , نشر الفيلسوف الفرنسي رولاند بارثس موضوعه
الأدبي "موت الكاتــب" الذي يناقش فيه فكرته الخاصة بالتخلي عن الطرق
الأدبية التي أتت قبله و بشكل مختصر, التخلي عن ربط حياة الكاتب بما يكتبه. بمعنى
أخر, يريد بارثس أن المحور الأدبي الوحية الذي يستخدمه القارئ عندما يقرأ أي كتاب
هو الكتاب نفسه و لا يضيع وقته مع الكاتب و حياته. هذه الفكرة مشهورة جداً, و
بالرغم من إختلافي الكلي معها, لكنها نظرية أدبية مشهورة خصوصاً مع كتاب عصر
الحداثة, أولهم الكاتب إرنست هامجواي, و صديقه الكاتب دون باسوس, الذي هو بنفسه
كتب قصصه الخالدة في الأدب الأمريكي الحديث وفق نظرية الفيلسوف الفرنسي بارثس.
الفكرة بسيطة جداً, عندما تقرأ قصة عن شخصية معينة و في
عصر معين, لا تفكر بالكاتب, و لا عن حياته و لا عن العصر الذي عاش فيه. كل ما عليك
التفكير به عند قراءة أعمال هذا الكاتب هي القصة نفسها من دون أي تأثيرات خارجية.
كيف لنا أن نقرأ قصص إرنست هامجواي من دون التفكير بتجاربه الشخصية في الحرب
الأهلية الإسبانية, خصوصاً و أنه كتب عنها بشكل مكثف و دقيق. و كيف لنا أن نقرأ
قصص إسطورة الأدب الفكتوري الإنجليزي, تشالز ديكينز, الذي أشتهرت أعماله و وصفها
البعض بأنها الصورة الفكتورية الخالدة. من يؤيد هذه الفكرة, الفيلسوف بارثس أولهم, يبرهنون بأن
القارئ يجب أن يركز على القصة وحدها و أن يضع كامل إهتمامه بالأحداث الغير حقيقية
الموجودة في القصة. و بأننا يجب أن نضع عالم الرواية بزاوية مختلفة عن زاوية الكتب
التاريخية. كيف لخيال الكاتب أن يرسم واقعاً صريحاً بمساعدة شخصيات وهمية. شخصيات
لم تعش الواقع بكل مرارته. يعتقد هؤلاء بأن الواقع فقط يكتبه المؤرخون و ليس كتاب
الرواية أو القصة.
طبعاً, رأي الشخصي يعارض هذه النظرية الأدبية بكل
جوانبها. القارئ, في نظري يجب أن يتمسك بالكاتب نفسه مع بداية الرواية, يترجم
أحداث حياته أثناء الرواية, و مع نهايتها يعلل النهاية التي توصل إليها الكاتب. مع
بداية الرواية, سيبدأ القارئ ببناء العالم الذي وصفه الكاتب في الفصول الأولى
للقصة. هذا العالم سيكون قريباً, نوعاً ما, إلى العالم الذي عاشه الكاتب. و حتى إن
كان مختلفاً, فهذا العالم المختلف قد يكون عكس العالم الذي عاشه الكاتب. المهم هنا
هي وجود هذه الأفكار المرتبطة التي يجب على القارئ البدأ بها. لنأخذ كتب و قصص
الإسطورة تشالز ديكينز (كاتبي المفضـــل) كمثال واضح على هذه العملية الأدبية.
العالم الذي يبنيه ديكينز في قصصه هو العالم الذي عاشه هو بنفسه. لندن الفكتورية
هي المدينة التي عاش فيها ديكينز و عندما نقرأ قصصه, سنجد كل العوامل التي كانت
تحتويها لندن في ذلك الوقت. و إذا كنا نريد أن نرى هذا العالم لكي تكون لدينا فكرة
واضحة لهذا العالم, نستطيع هنا و بكل سهولة قراءة الكتب التاريخية التي تتكلم عن
هذا العصر المهم في تاريخ بريطانيا. و عند وصولنا لمنتصف الرواية, نجد أن معظم
الأحداث التي مرت بها شخصياته, هي نفسها الأحداث الواقعية التي مر بها هو نفسه.
توجه الأطفال للعمل في المصانع, بعدها العمل في صحيفة إسبوعية, عشقه لفتاة لا
تكترث له, كل هذه الأمور مرت بها شخصيات ديكنيز في معظم قصصه, وهو نفسه مر بها. و
مع نهاية الرواية, نجد أنفسنا مع نهاية قد تكون هي النهاية نفسها التي عاشها
ديكينز أو عكس ذلك تماماً. و هنا نستطيع أن نبرهن بأن هذه النهاية التي تختلف عن
النهاية الواقعية التي مر بها الكاتب نفسه, هي النهاية التي حلم بها أو التي
أرادها هو لنفسه.
كعادة الطرق الأدبية المتوفرة للقارئ, تستطيع تطبيقها و
الإستمتاع بثمارها, و أيضاً تستطيع التخلي عنها كلياً. في هذه الحالة, تستطيع أنت
كقارئ, قراءة قصة معينة من دون الإهتمام بالكاتب و حياته. هذه القراءة في رأيي
الشخصي جداً, هي قراءة ناقصة. لهذا السبب و عند قراءة أي قصة, دائماً أقوم بقراءة
النبذة المختصرة الخاصة بحياة الكاتب, أركز على العصر الذي عاش فيه و الأفكار التي
طرحها. بنظري, هذه المعلومات ستساعد القارئ على فهم القصة بشكل أكبر و فهم ما كان
يدور بعقل الكاتب و حتى في بعض الأحيان, معرفة ما يدور بقلبه.
و شكراً
هاشم الصغيـــر
9/1/2014
شركة شام المثاليه هى شركة تنظيف مسابح بالرياض
ردحذف